كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الدعاء مخ العبادة وفي رواية: الدعاء هو العبادة، وكان عليه الصلاة والسلام يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك (رواه أبو داود).
وكان عليه الصلاة والسلام يقول: من سره ان يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء (رواه الترمذي(.
أقول: لأن الذي يدعو عند الشدائد والكرب قد يدعو ويتضرع الى الله لأنه محتاج، ولكن الشكر والدعاء في حال الصحة والرخاء، يدل على صدق نية الداعي وإخلاصه لله، لذلك فإن الله ذم كفار قريش بقوله: “فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون”.
نعم كانت قريش تعبد الأصنام وتشرك في عبادتها لله، ولكنها كانت اذا ركبت السفينة ورأت أمواج البحر المتلاطمة اتجهت الى الله سبحانه وتعالى وطلبت منه وحده النجاة.
وهكذا قال حصين للرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال له الرسول: يا حصين كم إلها تعبد؟ قال: سبعة في الأرض وواحد في السماء، قال: وإذا مرضت فإلى أي واحد تتجه؟ قال: الى الذي في السماء.
إذن من خصال الكافر ان يعرف الله في حال الضراء ثم ينساه في حال السراء، وان رب العالمين لو كان يعاملنا بسوء عملنا لما استجاب لنا في حال الضراء، لكن ربنا أكرم من ذلك فهو القائل “ادعوني استجب لكم”، والشاعر يقول:
لا تسألن بني آدم حاجة
وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب لو تركت سؤاله
أما ابن آدم حين يسأل يغضب
من أجل ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا ان ندعو ونلح في الدعاء، ولا نيأس، بل ندعو الله ونحن موقنون بالاجابة، فالله لا بد ان يعطي عبده اذا سأله واحدا من ثلاثة اشياء، إما ان يعطيه سؤاله، وإما ان يدفع عنه بلاء كان سيقع لولا ذلك الدعاء، وإما ان يدخره له الى يوم القيامة وهو هناك احوج ما يكون.
نعم يستجيب الله دعوة عبده المسلم ما لم يدفع باثم أو قطيعة رحم كما ورد في الحديث، فالله تعالى هو القائل: “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان”.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم اذا دعا بدأ بنفسه، وكان يدعو ثلاثا، ويستغفر ثلاثا، وكان لا يرفع يديه في شيء من دعائه الا في الاستسقاء، وانه كان يرفع حتى يرى بياض ابطيه (رواه البخاري).
وكان يستقبل القبلة في دعائه، ويستفتح دعاءه بسبحان ربي الأعلى العلي الوهاب.
ومن جوامع أدعيته: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، واللهم اصلح ديني الذي هو عصمة امري، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي، واصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة لي زيادة في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر (رواه مسلم).
وكان يقول: اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، ويقول: اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني بما ينفعني وزدني علما، الحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من أهل النار.
ويقول: اللهم اني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، واذا أردت في الناس فتنة فاقبضني اليك غير مفتون (رواه مالك).
ويقول: اللهم اجعلني صبورا، واجعلني شكورا واجعلني في عيني صغيرا وفي أعين الناس كبيرا.
ومن أدعيته الجامعة: اللهم اني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال (رواه البخاري).
وكان يقول في الصباح والمساء: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت، وإليك النشور.
وكان يقول عند الكرب: لا إله الا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم.